قحطان الربيعي المدير العام
عدد الرسائل : 574 العمر : 42 البلد : العراق العمل/الترفيه : الحاسبات و البرامجيات نوع جهازك النقال : n73 تاريخ التسجيل : 23/05/2008
| موضوع: أفلا يتدبرون القرآن الأحد نوفمبر 23, 2008 12:15 pm | |
| أفلا يتدبرون القرآن ========= القرآن معجزة خالدة ، تحدى الله بها الثقلين أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله ..فبهت القوم وحاروا فمانطقوا ...رأوا أن له تأثيرا كبيرا على النفس حتى يخرجها من عالمها الذي هي فيه إلى عالم ملائكي روحاني فلا تزداد به إلا صفاء ونقاء ، فبه تصفو وبه تزكو ... تكون النفس موقرة بالنوب والأوزار ، فإذا أقبلت على القرآن رأيت آياته تلامس تلك النفس لمسا يوقظها من سباتها لتتنزل لعى مواقع الذنب فتغسلها، ثم تسري في الجسد بردا وسلاما . إنك إن قرأت القرآن أو أنصت إليه – بخشوع – فإن أثره هو الأثر ، بل أثره أثناء الإنصات – في حالات – يكون أكثر وقعا في النفس ... فللنفس حالات من الصفاء تمر عليها ليس لها مثيل . فحين تنصت إليه في مثل هذه الحالة تشعر وكأنك سمعت هذه الآيات لأول مرة ... وذلك أن الأمر في هذه المرة يختلف ..حيث أن المعاني ظهرت للنفس فتقع الألفاظ منها موقع الوسيلة لمعرفة الغاية ...أي أنها تجاوزت النظر في اللفظ لتغوص في معنى الآية العميق .... فإذا بك تكشف في الآية معان عدة ...كل معنى أبلغ من الآخر ..وفي كل مرة يظهرلك معنى متجددا فيقع بين القلب والنفس من جهة وبين العقل من جهة أخرى في همزة وصل ... فكأن القرآن – حينئذ – يمد حبال صوته تجر نفسك حول معانيه جرا خفيا حتى تكاد أن تسجد خشوعا وتعظيما .. فكأن النفس كانت تلفها أنسجة من الأهواء والشهوات ...فتسحب خيطا من خيوطها ...فإذا بكل كلمة تنفذ إلى تنفذ إلى أعماقها فتسحب خيطا من خيوطها حتى تكون النفس في أعلى مراتب الصفاء . فلاترى نهاية كل آية إلا موضع سجدة (وإذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ) . وعظمة القرآن ستظل تمد الحياة بحياة أخرى ...لها لفظ الحياة الطبيعية ولكن لها معنى غير معناها .. لها معنى الخلود والذكر ..معنى يسكب في الروح فلا ترى الروح – حينئذ- إلا كأنها تطوف حول العرش .. تقول : يارب ...يارب ، ولها معنى يجعل القلب معلقا بالله ينادي – أيضا : يارب ...يارب . وصدق الله إذ يقول : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) .
أيها المسلم عد إلى ربك وكتابه وانهل منه زاد الروح وحياة القلب . ذلك أنك إذا أردت أن تعيش في ملكوت الله بين الملأ الأعلى إلا أن تفتح صفحات قلبك لتملي عليها صفحات كتاب الله سطرا سطرا ..... لتصفوا روحك بكلماته وتزكو نفسك بمعانيه .. انظر إليه بعين الفرك والتدبر قبل أن تنظر إليه بعينك المجردة ... وقف أمام حكمه وعبره موقف الخاشع المتبتل واتل آياته تلاوة راغب وجل .. حينئذ – فقط – تعرج روحك مع آياته إلى الملأ الأعلى فلا تعود إلا وفيها قوة خفية تهز كيانك وتوقظ مشاعرك وتحرك وجدانك نحو الاتصال بالله ، لتتحول أنت إلى قوة لا تؤثر بها الأهواء مهما عظمت ، ولا تغريها الشهوات مهما استفحلت ...... بل إنها لتواجه في نفسك أعاصير تمور بها مورا وتبددها وتذروها كما تذرو الرياح الرماد ... هذه هي القوة الروحية التي أوجدها القرآن فيك تضعف أمامها الشدائد والمحن وتصغر أمامها المصائب وإن كبرت ... وهذه القوة الروحية لتتهاوى أمامها الحجج وتتهافت الحجج الزائفة فلا تنال منك إلا ما يجعلها تنحسر إلى زاوية ضيقة تحشر بها حشرا ؛ فتكون – حينئذ – وبالا على صاحبها .. وحينها – فقط – يلمع نجم الحقيقة من القرآن وترسل أشعة الهداية من نور الله ( الله نور السمو ات والأرض ) فلا يصرف عن هذا النور إلا من صرف قلبه عن القرآن وأعرض عنه ونأى ..(يهدي الله لنوره من يشاء ) . أرأيت حين يتشبع القلب بتلك القوة الروحية كيف يتحول إلى خلق آخر يعيش في عالم من النور لم يكن يفصل بينه وبين هذا النور إلا مسافة التأمل في فقه الآيات والتدبر لمعانيها .. فالقرآن – إذا – هو همزة الوصل بينك وبين النور الإلهي .. فعند التدبر يكون جسد في الأرض وروحك قد عرج بها إلى الملأ الأعلى .. وهكذا عروجها وقت الممات أطيب ما تريد وأحسن ما تسمع حين يقال : (ضعوا كتاب عبدي في عليين )...
(منقول)
لا تنسونى من خالص دعائكمـ | |
|